مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم العيانى،

القاسم بن علي العياني (المتوفى: 393 هـ)

وصية ثانية

صفحة 433 - الجزء 1

  القرآن ترتيلا، وليتفكّر من قرأه فيما جعل اللّه فيه من الأمر بالخير فليعمل به، وما جعل اللّه فيه من النهي عن جميع الفواحش فلينته به، وليعتبر بما قص اللّه فيه من أخبار الأمم السالفة، وليعلم أن سبيله يكون كسبيلهم، من فعل خيرا ذكر به، ومن فعل شرا ذكر عنه، ولكل فعل جزاء، قال اللّه سبحانه: {وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ٢٨١}⁣[البقرة: ٢٨١]. وقد ذكر عن النبي ÷ أنه قال: «قراءة القرءان تجلو القلب كما يجلو الهندوان الحديد». وفي حديث آخر «أنه لا يخرب محل يكثر فيه تلاوة القرآن»، وفيه حديث يكثر أن نذكره في هذا الكتاب.

  وكذلك يا بني فعليكم بالنظر في كتب سلفكم، وما أوضح أبوكم في كتبه من ملتمس كتب السلف، فقد أبان ذلك بأحسن البيان، إذ قد كثر تأويل المتأولين في آثار سلفنا، وكادوا أن يخرجوا من الحق، بل قد خرج أكثرهم في الافتراء عليهم، فاحذروهم ومتابعة أحد منهم، أو من هؤلاء العوام في أقوالهم، واكتفوا بما قد وضعته لكم من البيان في كتبي، ففيها بيان ما قد أتى مجملا في كتاب ربكم، وكتب سلفكم، مما به تدينون من توحيد ربكم، وصلواتكم وزكواتكم وصيامكم وحجكم ومناكحتكم وذبائحكم وفرائضكم في مواريثكم، وما جعله اللّه من حكومات الديات والقصاص بينكم، وما يحل ويحرم من البيوع لكم، ففيها⁣(⁣١) جميع ذلك، وما لم يذكر


(١) في المخطوط: ففي. ولعل الصواب ما أثبت، والهاء ضمير عائد على كتبه.