وصية ثانية
  منه ما يوجب لمن علمه اسم العلم، الذي يفضل به الفاضل، قال اللّه ø: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ ...}
  [المجادلة: ١١] الآية. وقال سبحانه: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ}[الزمر: ٩].
  وفي فضل العلم ما يكثر ذكره، والعلم يا بني فلا يحسن إلا بالدين والورع والأدب، ومن علم كان ديانا، قال اللّه ø: {إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ}[فاطر: ٢٨]. وقد يتعطل ويعود نفعه ضرا إن جعل الإنسان ذلك للرئاسة والرياء والسمعة، أو أن يستجرّ به منفعة من عند غير اللّه سبحانه، أو يدخل في معصية ظاهرة أو باطنة، أو يخالط أحدا من أهل الرّيب، أو يقاربهم في مجلس أو طريق أو محل، كانوا هنالك أو لم يكونوا، أو أن يقارب جهال الناس وجفاتهم، وأولي العقول الفاسدة منهم، أو أن يقارب النساء، الحرائر منهن والإماء، وما يكون لهن من المواطن كالمياه التي يردن، والطريق التي يسلكن، في سوق أو ثغر، أو أن يتحدث معهن، أو أن يرى بالقرب منهن، فكل ذلك مفسدة للقلب، وضعة لذي الحسب واللب، وناقصة لذي الدين والأدب، أو أن يطأ الأسواق أو يجلس فيها ويتصل بأهلها، ومن احتاج لوطئ السوق لم يطأه إلا جوازا وهو على أجمل الهيئة، ومن نابته حاجة لما يباع هنالك أو يشترى، أمر بذلك غيره ولم يله بنفسه، أو أن يلبس لباسا يعيبه العلماء، كالصنائع والمشهّرات، أو أن يكون ذا صناعة تدنيه إلى الأسواق، كالبيوع بالمكيال والموازين، والبضائع المقربة