كتاب التنبيه والدلائل
  كلمته، ونشر دعوته، فالخلق على اختلافهم بالعدل والتوحيد ناطقون، وبالموت والنشور مقرون، وبجميع الفواحش عن اللّه نافون، وبرسله مؤمنون، وبالكتاب والسنة متمسكون، ولكل معبود غير اللّه تاركون، لم يظهروا سوى ذلك مذ قبض اللّه نبيه ÷ تسليما، إلا أن خلف المنافقين، وذرية الحاسدين، قد لبسوا على العوام، فبايعوهم وألهموا الطغام بغض ذرية الرسول صلوات اللّه وعلى اللّه وسلم فشنئوهم، ونسوا ما ندبهم اللّه إليه فيهم، إذ يقول لنبيه ~ وعلى اللّه وسلم: {قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى}[الشورى: ٢٣]. بل لقد سمعوه ووعوه، ولكنهم اتبعوا {وَلا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ ٧٧}[المائدة: ٧٧]، فإنا للّه وإنا إليه راجعون، وبه نستعين على ما يمكرون، وحسبنا اللّه وعليه توكلنا، وهو رب العرش العظيم.
  وبعد: يا معشر الإخوان، ومن ينتحل ولاية آل محمد عليه و $، فأنتم أشياع المحقين، ونحن خلف الأئمة المهتدين، عليهم صلوات رب العالمين، فما إلى الحق غيرنا داع، ولا لدعوة الرشد سواكم واع، وقد شاهدت من اختلافكم، ما أيسني من اتفاقكم، ولقلّ جدا قوم مختلفين، واللّه يقول عز من قائل: {وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ}[الأنفال: ٤٦].