كتاب التنبيه والدلائل
  المرأة العدد، وتلزم أداء الفرائض حتى يرجع إليها الحيض، ثم تستأنف العدد على ما جرت العادة، كما ذكرت في أول كتابي هذا.
  وأما الدم إذا لج، فليس تخلو صاحبته من أحد أمرين:
  إما أن تكون حافظة لأقرائها كما ذكرت في أول هذه المسألة.
  وإما أن تكون مضيعة كما ذكرت في مسألتك يا أبا الهيثم، فإن كانت حافظة لأقرائها كما ذكرت، فالواجب أن تلزم الصلاة في أيام الطهارة، وتتركها في أيام القرء.
  تفسير ذلك: امرأة كانت قد جربت من نفسها سبعة أيام حيضا، وستة عشر يوما طهرا، ثم سبعة أيام حيضا، فكان هذه المرأة كانت تحيض في ثلاثين يوما حيضتين، مرة في أول الثلاثين، ومرة في آخرها، ثم ابتدأها الحيض في أول يوم من القرء الأول، ولجّ بها الدم زمانا طويلا، فكأنها وقفت عن الصلاة السبع الأول، وصلّت الستة عشر الوسط، وخلّت الصلاة السبع الأخر، ثم عادت بعد انقضائهن إلى الصلاة ستة عشر، ثم لزمت ذلك كذلك، فلم تبرح حتى يجعل اللّه لها فرجا مما عرض لها.
  وأما التي قد لجّ بها الدم، المفرطة في نفسها حتى عادت لا تعرف الحيض من الاستحاضة، فهذه لا تكون عاقلة أصلا، لأنه يستحيل عند ذوات العقل من النساء أن يكون الحيض والاستحاضة سواء، إذ لكلا الحالتين معنى يستدل عليه به.