كتاب التنبيه والدلائل
  من الحق والإنصاف، وقد حملت أموركم - تولى اللّه رشدكم - على أحوال أربعة:
  فمن ذلك أن تكونوا قد لبس عليكم بمسائل تخالف الكتاب والسنة المجمع عليها، وأسندت بعد ذلك إلى أئمتكم $، فأنتم لمحبة الأئمة $ - وهم أهل ذلك - لا تدعون ما في أيديكم، إلا أن يأتيكم ما يوافق ما معكم، فإن كان الأمر كذلك، وعائذا باللّه من ذلك، فلا حاجة لكم بالسؤال إذا أنتم عنه في غنى، وإنما يسأل من افتقر إلى السؤال، فيأخذ ما يعطى ويقنع به بعد الحاجة إليه، فيزكوا حينئذ عنده ولديه، فهذا وجه.
  ومن ذلك أيضا: أن تكونوا قد توهمتم سببا هو شاق على أهله، فأنتم تسألون تعنتا، ولا تسألون تفقها، وقد نهى أمير المؤمنين ~ من فعل مثل ذلك من أصحابه، وقد علمتم ذلك في الأخبار المنقولة، فهذا وجه، ومن اعتقده خرج من جملة الإسلام، وعائذا باللّه لي ولكم من ذلك.
  ومن ذلك أن تكون مسائلكم اختبار، فإذا كان كذلك فليس إلى منعكم من هذا اعتذار، ولكن من أراد مثل ذلك، احتاج إلى عقل رصين وإلا فخرج به الأمر إلى بعض المهالك، حمانا اللّه وإياكم من ذلك برحمته.
  ومن ذلك: ما لا أشك فيه، ولا أحمل أموركم إلا عليه، وهو أن تكون مسائلكم مسائل المسترشدين، المتفقهين في الدين، وأنا أجيبكم - بحمد اللّه ومنّه - جوابا لا أعدل فيه عن كتاب اللّه، ولا عن سنة نبيه ~ وعلى اللّه وسلم، فمن أدرك معرفة جوابي وتحققه، وإلا فيعرفني بذلك حتى