مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم العيانى،

القاسم بن علي العياني (المتوفى: 393 هـ)

كتاب التنبيه والدلائل

صفحة 111 - الجزء 1

  أزيده شرحا وبيانا يقنع به إن شاء اللّه تعالى، بحول اللّه وقوته، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

  سألنا أخونا أبو محمد جهضم بن محمد، تولى اللّه توفيقه فقال: قال اللّه ø لعدوه إبليس و {فَخَرَجَ مِنْها}⁣[القصص: ٢١]. هذه هاء سمى اللّه بها شيئا كان فيه عدوه فأخرجه منه، ما ذلك الشيء الذي خرج منه إبليس؟ ثم بعد أن خرج، فيما ولج؟ وهل خرج بالجبر أو بالأمر؟ فإن يكن أخرج بالجبر فكيف يجوز أمر المجبور؟ وقال: لولييه آدم وحواء @ {اهْبِطا مِنْها}⁣[طه: ١٢٣] هذه الهاء اسم، فما الفرق بين المسميين بهاتين الهاءين، لأن معصية عدو اللّه عمد وعصيان، ومعصية وليه آدم غفلة ونسيان، وهل يجوز في العدل أن يكون الإهباط وهاء الإخراج لشيء واحد؟ فليكن للسائل عن ذلك جواب؟

  والجواب: اعلم يا أخي، وقيت جميع المكروه والمساوي، أن هذه الهاء علامة للاسم المكنى، ودلالة على الشيء المعنى، وذلك الجنة. فأما الهاء نفسها فليست باسم لما عين بها عليه، فلو لم يعرفنا اللّه جل اسمه الاسم قبل هذه الهاء وبعدها، لما درينا فيما كانا ولا مما أخرجا.

  وأما قولك: ما ذلك الشيء الذي أخرج منه إبليس؟

  فذلك: الجنة ولم تكن له محلا، وإنما جعلها اللّه محلا لآدم وزوجه @، وإنما كان عدو اللّه يلم بآدم في جنته، كما ألم بعد ذلك بولده في جنانهم، وفي غير ذلك من أوطانهم.