كتاب التنبيه والدلائل
  وأما مولجه ففيما جعل اللّه له مولجا ولقبيله من الجن، وهي الأهواء التي بين الأرض والسماء.
  وأما قولك: هل خرج بالجبر أو بالأمر؟
  فإني أقول: إنه أخرج بالأمر لا بالجبر، ولذلك لم يخرج، ولو كان خرج بالأمر طائعا، أو بالجبر مكرها، لما أدرك آدم منه ضر، والدليل على عصيانه قول اللّه سبحانه: {ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ١٢ قالَ فَاهْبِطْ مِنْها فَما يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيها فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ ١٣}[الأعراف: ١٢ - ١٣]. فلما عصى اللعين أمر الآمر بالخروج، علم أن قد استحق من اللّه العقوبة على عصيانه في السجود، وعصيانه في الخروج، فطلب من اللّه النظرة بما استحق من العقوبة، فأنظره اللّه ممليا له، ليستحق من العذاب أضعاف ما استحقه، فعند ذلك حذّر آدم كيده.
  وأما قولك: قال اللّه ø لولييه آدم وحواء @: {اهْبِطا مِنْها}[طه: ١٢٣]. هذه الهاء أيضا اسم فما الفرق بين المسميين بهاتين الهاءين، لأن معصية عدو اللّه إبليس عمد وعصيان، ومعصية وليه آدم غفلة ونسيان؟
  وقلت: لا يجوز في العدل أن يكون هاء الإهباط وهاء الإخراج لشيئا واحدا؟