كتاب التنبيه والدلائل
  فإني أقول في الهاء والأسماء كقولي الأول، وفيه ما شفى وكفى، لمن كان في الحق منصفا.
  وأما قولك: فما الفرق بين المسميين بهاتين الهاءين؟
  فإني أقول: لا فرق بينهما إلا في اللفظ، والمعنى يجمعهما إن كان من أدك في الإهباط والإخراج، لأن اللّه سبحانه قال: {اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً}[البقرة: ٣٨]. وقال: {اهْبِطا مِنْها}[طه: ١٢٣]. وقال: {فَاهْبِطْ مِنْها}[الأعراف: ١٣]. وكذلك في الخروج قال: {مِنْها}، فهذه الهاء تعيين على الجنة لا على شيء سواها، وهذه الهاء هاء التأنيث معروف ذلك، وإن كان مرادك آدم وإبليس، فليست الهاء لهما اسما، ولا تعيينا على اسم مذكر يكنى، وإنما ذلك الألف، لأنه قال: {فَلا يُخْرِجَنَّكُما}[طه: ١١٧]. وقال: {فَتَشْقى ١١٧}[طه: ١١٧]. وقال في إبليس: {إِنَّ هذا}[طه: ١١٧]. ونحو ذلك كثير.
  وإن كان مرادك في العملين العدوان والعصيان، والغفلة والنسيان، فإني أقول، وجميع الأمة كلها تقول: إن ذلك لا ينسى أبدا، فكذلك قلت: لا يجوز في العدل أن تكون هاء الإهباط وهاء الإخراج لشيء واحد، وبلى قد يجوز ذلك في العدل إذا كان المخاطب واحدا قيل له: اهبط منها، واخرج منها. وإن كان قولك لشيء واحد تريد به أن من انتظمه هاتان الهاءان يكون شيئا واحدا سواء، فإني أقول: إن ذلك يجوز في الأمر، ولا يجوز في المعنى، إذ ليس من العدل كونهما سواء، و [سألت] عن قول اللّه سبحانه يحكي قول وليه سليمان # عندما عرضت عيه الصافنات الجياد فقال: {إِنِّي