مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم العيانى،

القاسم بن علي العياني (المتوفى: 393 هـ)

كتاب التنبيه والدلائل

صفحة 114 - الجزء 1

  أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ ٣٢}⁣[ص: ٣٢].

  فكأنه لم يحب الخيل، وإنما أحب حبها، لأنه قال: {أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ.}

  ولم يقل: أحببت الخيل، والمعروف أنه أحب الخيل، ولذلك اشتغل لا أنه أحب حبها، فما مخرج ذلك في اللغة والبيان؟

  الجواب: اعلموا يا أخي أن مخرج هذا في اللغة والبيان، معروف عند أهل الفصاحة واللسان، ولذا لم ينكروا التثنية والتكرير من قول سليمان ولا غيره، لأنه # لما قال: {أَحْبَبْتُ.} كفاه عن أن يثني فيقول: حبا مرة أخرى، فلما كان ذلك جائزا في اللغة لم ينقل عليه تكرير المحبة، وذلك غير منكر عند أهل الفصاحة، ومن ذلك ما يقول القائل منهم: أحببت حبا ما أحبه أحد، وركبت ركوبا ما مثله ركوب، وسرت سيرا ما يعدله سير، وقلت قولا ما شاكله قول، وأخذت أخذا ليس دونه دفع، وأعطيت إعطاء ليس معه منع، كل ذلك يكررونه ولا ينكرونه على قائل أكثر منه أو أقل، وفي مثل ذلك يقول بعض شعرائهم:

  علقت حب الغانيات فزادني ... كلفا وحب محبة الخلان

  فقال: حب محبة الخلان، فكرر وإنما مراده وحب الخلان، ففي هذا ومثله دليل وبيان لما سألت عنه، فاعلم ذلك، تولى اللّه حفظك برحمته.

  وسأل أخونا كثير بن أبي الخير المعمري أن أعرّفه تفسير الخمسة الأصول ومعانيها؟

  الجواب: اعلم يا أخي أن تفسير الخمسة الأصول تفصيلها ومعانيها:

  تأويلها، فمن ذلك الإقرار بالعدل والتوحيد، ومعنى الإقرار فهو: التصديق