كتاب التنبيه والدلائل
  أوان، وما أقيس نفسي بالسلف $، لا بسابق منهم ولا بلاحق، ولكني أقيسها بالخلف الذين هم أهل زماني، فإن يكن منهم أعلم مني فأنا به مقتد، ومنه متعلم، وإن أكن أعلم منهم فأنا لهم معلّم، لأنا أهل البيت يتعلم بعضنا من بعض، ونجتزي بذلك عن التعلم من غيرنا، ولا يسعنا أن نتعلم من سوانا إلا ما يجيزه لنا علماؤنا، وأنتم يا شيعتنا فلا يسعكم أن يتعلم بعضكم من بعض إلا ما يجيزه لكم علماء أهل بيت نبيكم ~ وعليهم وسلامه، فاعلموا ذلك وباللّه التوفيق.
  وعدت إلى مسائلكم وتبيينها، وباللّه نستعين عليه توكلنا وهو رب العرش العظيم.
  سألتم - أكرمكم اللّه بهدايته، وكلأكم من السوء بكفايته - أيّ ابني الهادي رحمة اللّه عليهم أجمعين كان أفضل؟
  واعلموا - وفقكم اللّه لما يرضيه، وهداكم لما يثيب عليه - أني لم أشاهدهما فأعرف حقيقة أمرهما، وأخبركم يقينا بما شاهدته من شأنهما، فتكونوا به تعملون، وعليه تتكلون، ولكني أخبركم بما رويت عن بعض مشيخة ولد القاسم رحمة اللّه ورضوانه عليه، حدثني عبد اللّه بن الحسن بن عبد اللّه بن الحسين بن القاسم، عن أبيه الحسن بن عبد اللّه، وكان قد شاهدهما جميعا في حداثتهما وفي ولايتهما، وكان ابن عمهما وخدنهما، وكان أعلم الناس بشأنهما، فروى لي عنه ابنه عبد اللّه أنه قال له: كانا أبناء عمي يحيى بن الحسين إمامين فاضلين عالمين، فأما محمد فكان من التقشف والاستقلال من الدنيا على غاية، وكان رحمة اللّه عليه يقول: لو وثقت