[تفسير سورة الفيل]
  قال اللّه جل اسمه: {أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ ١}.
  معنى {أَ لَمْ تَرَ} هو: ألم تعلم. ومعنى {فَعَلَ} هو: صنع. ومعنى أصحاب {بِأَصْحابِ الْفِيلِ ١} هم: السائرون مع الفيل. وقال: {أَ لَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ ٢}. معنى {يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ ٢} هو: نصرف مرادهم في هلاك وتخيل. وقال جل اسمه: {وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ ٣}.
  معنى {وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ} فهو: سلط عليهم. ومعنى {أَبابِيلَ ٣} فهو: الكثير غير القليل. وقال جل اسمه: {تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ ٤}. ومعنى {تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ ٤} هو: ظاهر لا يحتاج إلى تأويل. ومعنى {سِجِّيلٍ ٤} فهو: الطين المستحجر الصلب الذي ليس فيه لين، فهو لشدته لا يقع على شيء إلا هشمه وحطمه. وقال جل اسمه: {فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ ٥}. ومعنى {فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ ٥} فهو: إخبار من اللّه أنه فعل بهم من العذاب ما عادوا بعده يشبهون بالعصف المأكول، وهو القصب المقطوع الذي قد أخذت أعاليه وبقيت أسافله في الأرض قياما على أصولها. ومعنى {مَأْكُولٍ ٥} هو: بال مدخول.
  وأما خبر هذه السورة وما ذكر أنها نزلت من أجله، فإنه يروى أن العرب خربت كنيسة كانت يومئذ للحبشة، وكان يومئذ فيهم رجل من العرب من أهل اليمن يقال له: إبراهيم بن الصباح وكان يدين دينهم، فهو الذي بعثهم فأرسل اللّه عليهم الطير، وهي فيما يروى هذه الطير الخفاف التي