مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم العيانى،

القاسم بن علي العياني (المتوفى: 393 هـ)

[كتابه إلى أهل نجران]

صفحة 217 - الجزء 1

[كتابه إلى أهل نجران]

   هذا كتاب كتبه القاسم بن علي إلى كافة أهل نجران ومن بحالهم من الجيران: سلام عليكم، فإنا نحمد اللّه إليكم من يلزمنا حمده، ويجلّ عليه الثناء كما هو أهله، أما بعد: فإنه لا خطأ بعد تذكرة، ولا ذمامة بعد معذرة، وقد قبلت عذر من اعتذر، وتجاوزت عن خطيئة من قصّر، فتعوضوا من سيئاتكم إحسانا، ومن زللكم استمكانا.

  واعلموا أن من رجع من سيئته كأن لم يسئ، ومن عاود من غيه بخس وغوي، وقد عرّفتكم جميعا أنه لا معذرة لمن عصى اللّه حتى يرجع عن معصيته، ولا توبة لتائب حتى يندم على خطيئته، وقد أظهرتم جميلا شكرتم عليه، فحوطوا قولكم بالتمام، واحفظوا أموالكم وأنفسكم بالإسلام.

  واعلموا أن للإسلام حرمة ترعى، وللديانة أوامر لا تعصى، ومن قصر عن بعض ما أمره اللّه به، كمن أضاع جميع أمره ونهيه، واللّه يقول وقوله الحق: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ٨٢}⁣[الأنعام: ٨٢]، فاعملوا - رحمكم اللّه - عملا صالحا تنجون به من خالقكم، وتزدادون به الآن في أرزاقكم، وردوا عليكم فوت الأناة، وغلول الزكاة، بأداء ما غللتم منها، فإن اللّه يقول وقوله الحق: {وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما