[كتابه إلى ولده جعفر]
[كتابه إلى ولده جعفر]
  وهذه رقعة له أيضا إلى ولده جعفر بن القاسم بن علي
  الذي أوصيتك به يا بني تقوى اللّه، فإن من اتقاه جعل له من أمره يسرا، ومما تضيق به مخرجا، وقد ساقت الضرورات أباك إلى المدخل مع هذه الأمة التي لا يسع مؤمن الدخول معها إلا من بعد جهد وضرورة، ثم إنه ليس أحد أولى منك يا بني بمؤازرتك لأبيك، ومعاونتك على ما قد دخل فيه، فكن عند ظنه، وأحضر نفسك الصبر على ما يلم بك من مقام هذه الدنيا، واعلم أن الرجل لا يوصف بالرّجلة حتى يكون حازما، فاحزم في أمورك.
  واعلم أن الناس ميلا(١) بعضهم ببعض، ومفتون بعضهم ببعض، فاصبر على من آذاك منهم، ولا تفرحنّ بقول من حسّن لك القول، فرب قول حسن من تحته سيّئ، ولا تظهرن من نفسك لعدو عرفت عداوته أنك تشناه(٢)، ولا تثقن بصديق رأيت منه ما تهواه، فليكن حذرك من صديقك كحذرك من عدوك، مع إظهار الجميل لهما جميعا، وبسط الوجه لهما معا، واعتبر بما قد قلت بنفسك التي هي أقرب إليك منها، فإنك تجدها تدعوك إلى ما لو أسعفتها فيه لكان بذهاب الدنيا والآخرة منك، وقبح القالة فيك، فإن
(١) كذا في السيرة.
(٢) في السيرة: تشاه. ولعل الصواب ما أثبت.