مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم العيانى،

القاسم بن علي العياني (المتوفى: 393 هـ)

وصية الإمام المنصور بالله القاسم بن علي بن عبد الله العياني

صفحة 424 - الجزء 1

وصية الإمام المنصور باللّه القاسم بن علي بن عبد اللّه العياني

   الحمد للّه على كل حال، وصلواته على رسوله سيدنا محمد وآله خير آل، وسلامه وبركاته، شهادة من اللّه يشهد بها القاسم بن علي بن عبد اللّه، يشهد ألا إله إلا اللّه وحده لا شريك له، شهادة من آمن به، وصدّق بآياته، واستدل عليه برسالاته، ويشهد أن محمدا عبده ورسوله، وخيرته من خلقه أجمعين، فصلى اللّه عليه وعلى آله الطاهرين، وسلم ورحم وكرم، ثم إني أوصي من بلغته رسالتي هذه من ذريتي بتقوى اللّه سبحانه، فإنها نعم الزاد، واللّه يقول عز من قائل: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى وَاتَّقُونِ يا أُولِي الْأَلْبابِ ١٩٧}⁣[البقرة: ١٩٧]. ثم إن مما أوصيكم به أن تجملوا في القول لمن آتاكم منه المكروه، وتبذلوا له المجهود من الصبر، فإن اللّه سبحانه يقول:

  {وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ ...}⁣[القصص: ٥٤] الآية.

  ثم اعلموا يا بني إن الحاجة تستضركم، وتجحفكم⁣(⁣١) لضعفكم، وقلة حيلتكم، إلى أن تطلبوا الرزق، وتجهدوا فيه أنفسكم، فإذا كان ذلك كذلك، فاحذروا المسألة للقريب والبعيد، والشريف والوضيع، فإن المسألة تدعو الفقر، وتصغّر القدر، وتوجب الشر، وتحبط الأجر، وإن قصدكم


(١) الكلمة مهملة، ولعلها: وتحجفكم. والحجف: أخذ الشيء واجترافه، وشدة الجرب.