كتاب التنبيه والدلائل

  الجزء الثاني

  والحمد للّه رب العالمين، والسلام على المرسلين، وعلى جميع عباده الصالحين، ولما اتصل بي يا جماعة الإخوان قوّى اللّه عزائمكم في الإيمان، ووفقكم للإحسان، ما تضمنت كتبكم من إعلام سلامتكم، ومواهب اللّه الجميلة عندكم، سرني ذلك لكم، أتم اللّه ما بكم من نعمه، ووقاكم ما يكره من نقمه، وصلى اللّه على سيدنا محمد النبي وآله وسلم تسليما، وكذلك جميع مسائلكم فقد وقفت عليها كلها في أشغل وقت مر بي، في حين رحيل، وضعف من مرض طويل، أحمد اللّه على ذلك كثيرا كما هو أهله ومستحقه، فإن تأخر من جواب مسائلكم شيء في هذا العام، فلما ذكرت لا لعدم الجواب، واللّه ولي الفضل والثواب.

  وبعد يا جماعة الإخوان: فإن عتاب أهل الرشاد تأكيد للوداد، وعتاب الأضداد سبب للبعاد، وقد رابني منكم أني أجيب السائل منكم على المسألة فينكر الجواب، ولا يذكر لي ما ينكر، حتى إنما يذكر لي عنه ويتصل بي لا عنه، فأرجع حينئذ في المسألة إلى جواب آخر، استقصي فيه شرح الأدلة، فيأتي كالرد على ذي المسألة، وهذا ومثله سبب الفرقة والاختلاف، وتباعد