مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[الإيمان باليوم الآخر]

صفحة 103 - الجزء 1

  تفرد بخلق الأشياء لا من أصول أولية، ولا أوائل كانت قبله بدية، لكن مثَّلها بحكمته، وابتدعها بقدرته من غير مثال سبق إليه، ولا لغوب دخل عليه، لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار، ولا يوصف بتجسيد ولا أقطار، أزلي صمدي، على غير كيفية، ولا وسوسة الصدور، بل ارتفع عن تحديد بصر البصير.

[الإيمان باليوم الآخر]

  وأشهد أن الجنة حق، دار بقاء ونعمة، خلقها وكونها من رضوانه، فجعلها للمطيعين ثواباً، وأن النار دار شقاء ونقمة، خلقها من سخطه، فجعلها للعاصين عقاباً، لا يفنى عذابه، ولا يبيد ألمه، ولا يخلف وعده ولا وعيده، ولا يظلم عبيده، وإليه نحشر يوم ينفخ في الصور، عند صيحة النشور، فنثور بعد البلاء من القبور، ويدعو الكافر المغرور بالويل والثبور، ونعرض على الرحمن صفاً، ويَعَضُّ الكافر من الندامة كفاً، فيفصل بيننا بعدل لا يجور، فريق في الجنة وفريق في السعير. فسبحان من ملكه دائم لا يزول.

[الإيمان بمحمد ÷]

  وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اختاره بعلمه، وبعثه إلى خلقه، وائتمنه على وحيه، فدعا الناس إلى الله بجد واجتهاد، رحيماً بالعباد، ونوراً للبلاد، فافتتح الدعوة بقومه ÷ فأبوا له التسليم، وهموا به العظيم، ومنعوه الأسواق، وضيقوا عليه الآفاق، ونصبوا له الحبائل، وطلبوا له الغوايل، وشحذوا له السيوف؛ ليذيقوه الحتوف، فعصمه الله منهم، ورد كيدهم بينهم في نحورهم، وأيده بنور ساطع، وحجج حق وسيف قاطع، وبراهين صدق في القلوب واقع، فأدخلهم في الملة بين مسلم مستسلم، وبين مستسلم متجشم، يكتمون النفاق مخافة ضرب الأعناق، فصلى الله على الناصح الشفيق، محمد بن عبدالله الطيب الرفيق، الدال على المنهاج الواضح، والطريق اللايح، ~