مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[معنى العزيز والعزة]

صفحة 112 - الجزء 1

  يأمن في سلطان من كان على ما ذكرنا منهم المؤمنون، ويخاف في دولتهم وقربهم الفاسقون، خافضين لأجنحتهم، واضعين لجبريَّتِهم، أَوِدَّاؤهم المطيعون لله وإن بعدت أرحامهم، وأعداؤهم المحادون له وإن قربت أنسابهم، فهم كما قال الله سبحانه فيهم وفيمن كان من أوليهم وآبائهم حين قال: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَأَئُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ}⁣[الممتحنة: ٤].

  اتبعوا قول الله تبارك وتعالى وعملوا به حين يقول عن أن يحويه قول أو يناله: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ٢٢}⁣[المجادلة].

  أهل فضاضة على الكافرين وغلظة، ذوو رحمة بالمؤمنين ورأفة ورقة، يقيمون الصلاة، ويؤتون الزكاة، ويبتغون الفضل من الله والنجاة، يطلبون منه الرضوان والرحمة والحياة، فهم كما قال الله فيهم وفيمن تقدم قبلهم من آبائهم ومن سلك مسلكهم من أولادهم⁣(⁣١)، بهم ضرب الله الأماثيل في التوراة المطهرة والإنجيل، وهم وعدوا في واضح التنزيل المغفرة والرحمة والجزاء العظيم، ألا تسمع كيف يقول في ذلك الرحمن الرحيم: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ


(١) في (أ): أودائهم. وفي (ب): أودادهم.