ومعنى مخرج النفس في الله في اللغة والبيان وما يدور بين العرب في قيم اللسان
  هلاك الأشياء أنه الباقي الوارث لكل الأحياء، واستثنى عند الزوال والفناء وجهه ذو الجلال والبقاء.
  والوجه من الرحمن فليس غيره تعالى ذو العزة والسلطان، ووجهه في اللغة والبيان فهو ذاته بأبين البيان، فذاته وجهه، ووجهه سبحانه ذاته، ليس بذي تحديد ولا أعضاء، وهو الله الواحد العلي الأعلى.
  ولم يستثن عند هلاك الأنفس وموتها نفساً لخالقها ومدبرها ومشيِّئها(١)، أفأنتم في قولكم أعلم بالله منه بذاته؟! إذ قد نسبتموه إلى غير ما نسب إليه نفسه من صفاته، ولو كان كما تقولون وإليه في قولكم تذهبون؛ إذاً لاستثنى نفسه من الأنفس التي تموت وتفنى، كما استثنى بقاءه من الأشياء التي تزول وتبلى، تعالى الله عن ذلك الرحمن الرحيم، وتقدس الواحد الكريم.
  فمن أين قلتم: إنها له نفس في صورة تبقى، دون الأنفس التي حتم عليها بالفناء؟ أوجدونا بذلك حجة وتبياناً واشرعوا لنا فيه قولاً وبرهانا، في الكتاب والتنزيل والسنة والتأويل، فلا تجدون ولله الحمد حجة ولا قولاً، ولا تستطيعون إلى إثبات باطل سبيلاً، وكيف يكون ذلك، أو تقدرون على شيء من ذلك، والله ذو الطول فيما نزل من الفرقان يقول: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ ١٨}[الأنبياء]، فإن أنصفوا كانوا من قولهم خارجين، وإلى قول المحقين راجعين، وإن كابروا وجحدوا وتمردوا وعتوا كانوا عند جميع الخلق مفتضحين، وبضد الحق متعلقين، والحمد لله رب العالمين، وسلام على المرسلين.
(١) في (ب، هـ): ومنشئها.