باب تفسير [معنى] قول القائل: (واحد) ومخارجه في اللسان وما ينفى من ذلك عن الرحمن ø
  بين العجلة والاحتباس، قسمه بحكمته، لتكامل لطيف نعمته.
  ثم شق تحت وتر أرنبته(١)، مسلك ما قدر من أغذيته، وخلق [فمه مؤدياً(٢)] عن منطقه ولفظه، بين طبقتين خلقهما لحفظه، فجعله لحماً، وأجرى فيه عروقاً ودماً، ولو جعله عصباً قاسياً أو فطره عظماً جاسياً لكان ذلك من الترجمة مانعاً، وعن الجولان بالحركات قاطعاً، فسبحان من جعله معبراً عن ضمائر الصدور، ومترجماً لكل ما تميزه العقول من الأمور، وركب فيه استطاعة لفظه، وخصه بالوافر من حظه، وأجرى فيه عذوبة ريقه، لتمييزه بين مختلف ذوقه.
  ثم علق على أقاصيه عقد لهاته(٣)؛ لتعرف بها لذيذ شهواته، نعمة من الخالق على خلقه؛ ليلتذوا بالطيبات من رزقه، ولو كان موضعها منها عاطلاً، لم يكن الالتذاذ إلى ملتذه واصلاً، ولرجعت مختلفات أنفاسه إلى المكنون من أم رأسه.
  ثم فتق سبحانه(٤)] وعظم عن كل شأن شأنه بعد ذلك في مرتقها(٥) سمعاً، جمع به محكم الآلات جمعاً، فأدى ذلك إلى العقول عظمة خالقها، وشملت الجوارح به نعمة جاعلها، وألبس أرجاء(٦) السمع أذناً؛ لاستقرار جولان الوحي في محاله، وإزاحة الشك النازل به وإبطاله، ثم عطف سبحانه أطراف غرضوفهما(٧) على البواطن من حروفهما؛ للحوق جولان الأصوات، ولولا
(١) الأرنبة: طرف الأنف. هامش (أ).
(٢) بدلها في (أ، ب): فيه لساناً. وكأنه الصواب.
(٣) اللهى: اللحمة المشرفة على الحلق أو ما بين منقطع أصل اللسان إلى منقطع القدر أعلى الفم. (هامش أ).
(٤) إلى هنا انتهى السقط من نخ (هـ).
(٥) في (نخ): مرتقهما.
(*) - هو الذي بين اللحيين والرأس. (هامش أ).
(٦) الأرجاء: الجوانب أي جوانب السمع. (هامش أ).
(٧) الغرضوف والغضروف معناها واحد وهو: طرف الأذن. (هامش أ).