مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

باب تفسير [معنى] قول القائل: (واحد) ومخارجه في اللسان وما ينفى من ذلك عن الرحمن ø

صفحة 144 - الجزء 1

  ذلك لعجزت عن درك القالات⁣(⁣١)، مع ما ركب من غير ذلك في ظاهره وباطنه من المركبات، وجعل فيه سبحانه كل ما يحتاج إليه الجسم من الآلات والأدوات.

  ثم علق في صدره قلباً، وركب فيه لباً، ثم جعله وعاء للعقل الكامل، وحصناً للروح الجائل، حفظه من⁣(⁣٢) مزدحمات الأغذية بانحطاطه، ورفعه عن مقرها من الجوف بمتعلق نياطه، فقر بتدبير الخالق في أحصن حصن وأبعده مما ركب، وجعل في البطن وفوقه من الصدر هواء، وتحته أدوات ومِعاً، فهو مقر لثابت الأنفاس، متملك لخدمة جميع الحواس، إن شاء شيئاً شئنه⁣(⁣٣)، وإن أباه بلا شك أبينه، به تنزل مدلهمات الغموم، وإليه مأوى نوازل الهموم، وعند انشراحه للشيء يوجد به الفرح والسرور، وبقبوله [له⁣(⁣٤)] تكمل الغبطة به في كل الأمور، جعله الله آلة للفطن والفكرة، وفطره الله تعالى على ذلك من الفطرة، وذلك قول الرحمن فيما نزل من الفرقان: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ٤٦}⁣[الحج]، وقال سبحانه وعظم عن كل شأن شأنه: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ٣٧}⁣[ق]، يقول: إن فيما تقدم من فعلنا بمن مضى ممن نزل عليه ما نزل من عذابنا لذكرى لمن كان له قلب يعقل به، ويفهم ويتدبر ما يرى من فعلنا فيعلم.

  وقد يحتمل ويكون معنى قول الرحمن فيما نزل من واضح النور والفرقان:


(١) في (ب): المقالات.

(٢) في (أ، ب): عن.

(٣) في (ب، د، هـ): شيأه.

(٤) زيادة من (ب، هـ).