مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

باب تفسير [معنى] قول القائل: (واحد) ومخارجه في اللسان وما ينفى من ذلك عن الرحمن ø

صفحة 145 - الجزء 1

  {ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ}⁣[المؤمنون: ١٤]، [فتبارك وتعالى⁣(⁣١)] هو ما ميز من خلق الأنثى والذكر، فيكون لما أن كسا العظام لحماً جعله من بعد ذلك ذكراً أو أنثى فحينئذ بقدرة الله تمت السلالة، وفيما قلنا به من الخلق ما يقول الله ø في سورة القيامة⁣(⁣٢) من خلق الزوجين، فهذا عندي والله أعلم فأشبه القولين.

  ثم نرجع من بعد شرحنا للواحد المؤتلف، والواحد المنتقل المختلف، والله فبري من ذلك تبارك وتعالى أن يكون ربنا كذلك، فنقول: إنه قد يخرج معنى قول القائل: واحد في اللسان، وفيما يقال به فيه من المعنى والبيان، أن يكون الواحد من الاثنين المتشابهين في المعنى، المتقاربين في الصفة والاستواء، فيقال: هذا وهذا مثلان، وهما إذا ذكرا وقيسا⁣(⁣٣) شيئان، وهما في التشابه والاتفاق واحد بغير ما افتراق، والله سبحانه فعن مشابهة الأشياء كلها أو مشاكلتها فبري، وعن مناظرة المجعولات فمتعالٍ عليّ.

  وقد يخرج معنى الواحد فيقال به فيه، ويستدل به في لغة العرب عليه على معنيين:

  أحدهما: الباين بالسؤدد والإفضال فيقال: هذا واحد في فعله من الرجال، إذا فعل ما لا يفعله غيره، ويقصر عنه آله وقومه.

  والآخر: إثبات الواحد ونفي الثاني؛ إذ الواحد لا أول قبله، والثاني فقبله عدد وبعده.

  ويخرج معنى قولنا الواحد على أنه لا شبيه له ولا نظير، ولا كفو صغير ولا كبير، وهو الله الواحد الأحد الخبير، فالله سبحانه الواحد في فعله، الذي لم يصنع


(١) زيادة من (ب، هـ).

(٢) يعني قوله ø: {أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى ٣٧ ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى ٣٨ فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى ٣٩}⁣[القيامة]. (هامش أ، د).

(٣) في (ب، هـ): أو قيسا.