باب الرد على من قال: إن الله جسم، وجواب من سأل عن معنى قول الموحدين: إن الله شيء لا كالأشياء
  أحد كصنعه، الخالق الذي لا خالق سواه، كما قال تقدست أسماؤه: {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ}[فاطر: ٣]، وهو الواحد الذي لم يكن من شيء، وهو الموجد لكل شيء، لم يكن سبحانه من أصل، ولا يكون منه أبداً فصل: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ٣ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ٤}[الإخلاص]، الواحد في الربوبية والقدرة والعزة، والملك والكبرياء والعظمة، وكل قادر فمقدور عليه، وكل ملك فمسلوب ملكه من يديه، وكل عزيز فأيسر العزة نال، غير الله الواحد ذي الجلال، وذي العز الكامل الدائم، والملك السرمد الباقي الدائم(١)، القادر فلا يقدر عليه، العادل فلا ظلم لديه، البري من أفعال العباد، المتعالي عن اتخاذ الصواحب والأولاد، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ١١}[الشورى]، لا تحيط به الأقطار، ولا تجول بتحديد فيه الأفكار، ولا تنتظمه الصفات والأخبار، ولا تدركه سبحانه الأبصار، {وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ١٠٣}[الأنعام]، القائم سبحانه بنفسه الذي لا قوام لغيره إلا به، لا تجري عليه الأزمنة، ولا تحويه الأمكنة، وكيف تجري الأزمنة أو تحوي الأمكنة من كوَّن كل مكان، وأوجد بعد العدم كل زمان؟! وهو الله الواحد الرحمن، سبحانه وتعالى ذو المن والإحسان.
باب الرد على من قال: إن الله جسم، وجواب من سأل عن معنى قول الموحدين: إن الله شيء لا كالأشياء
  إن سأل من الخلق سائل أو تعنت متعنت قائل، فقال: ماذا تقولون وإلى أي معنى من المعاني تذهبون في الله ذي الجلال وذي الجبروت والمحال، أشيء هو تقولون؟ أم غير ذلك تزعمون؟
  قلنا: بل نقول: إن ربنا جل وتقدس إلهنا شيء لا كالأشياء، سبحانه تبارك وتعالى، لا يشبهه ولا يدانيه شيء، ولم يزل سبحانه قبل كل شيء، وهو المشيِّئ
(١) الدائم: ساقط من (ب، هـ).