مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

باب تفسير معنى قوله الحي

صفحة 159 - الجزء 1

  شبه خلقه، الذي لم يزل ولا يزال، وهو الواحد ذو القدرة والجلال، الأول [الذي⁣(⁣١)] لا ثاني معه، والآخر الذي لا شيء مثله.

باب تفسير معنى قوله الحي

  لو⁣(⁣٢) قال قائل أو سأل عن معنى «الحي» سائل - قيل له: الحي يخرج على ثلاثة وجوه:

  فمنهن: المتحرك من ذوي الحواس المفهومة، من الملائكة والجن والإنس وغير ذلك من الخلائق المعلومة وغير المعلومة، ذوات الأرواح الجائلة المستجِنَّة فيما خلق الله لها من الأبدان، التي هي فيها مستكنّة، كما قال ø: {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ٤٥}⁣[النور]، فكلها حي ما دام فيه روحه، فإذا خرج روحه حلت به وفاته وموته، والله من ذلك سبحانه فبري، وعن التجسم والزوال فمتقدس علي.

  والمعنى الثاني: فما يحييه وينشئه لجميع المخلوقين مما يذرأ ويخرج للعباد، بالماء المبارك في الأرض ذات المهاد من النخيل الصنوان وغير الصنوان، ذوات الطلع الهضيم، وغيرها من رزق الواحد الكريم، من النبات والفواكه والأشجار، التي تخرج وتحيا بما ينزل عليها من الأمطار، كما قال ذو المن المهيمن الجبار: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ ٣٠}⁣[الأنبياء]، وقال سبحانه: {وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ٥}⁣[الحج]، وقال عن أن يحويه قول أو يناله: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا ٤٨ لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا ٤٩ وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا


(١) من (ب، هـ).

(٢) في (ب، هـ): إن.