باب تفسير قوله: (السميع) والرد على من قال إنه سبحانه يسمع بجارحة
  كُفُورًا ٥٠}[الفرقان]، ومثل هذا مما ذكره الله أنه يحييه بالماء مما نعاين ونرى(١)، فكثير غير قليل، في واضح ما أنزل الله من التنزيل، فهذه أجسام تحيا بالماء، ليست بذوات أرواح جائلة في الأجسام، كما تجول الأرواح فيما خلق الله من الدواب والهوام، وإنما حياتها اخضرارها، وكمون الماء فيها وارتواؤها، فسمى الله ما كان كذلك حياً كما ذكر سبحانه في كتابه، وكذلك تقول العرب لما كان من الأشجار على ذلك تقول: هذه نخلة حية، إذا كانت مخضرة روية، والله سبحانه فبريء من هذا المعنى، ومن مشابهة شيء من الأشياء.
  والمعنى الثالث: فهو الذي لا يجوز غيره في الله ذي السلطان، وذي الجبروت والرأفة والإحسان، وهو أن معنى الحي: هو الذي يجوز منه الفعل والتدبير، وذلك فهو الله الحي الدايم اللطيف الخبير.
باب تفسير قوله: (السميع) والرد على من قال إنه سبحانه يسمع بجارحة
  إن سأل سائل عما ذكر الكريم في القرآن من قوله: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ١٣}[الأنعام]، فقال: ما معنى السميع عندكم؟ وما معناه في أصل قولكم؟
  قيل له: يخرج ذلك على معانٍ أربعة معلومة معروفة عند جميع العرب مفهومة:
  فأولهن: أن يكون معنى سميع هو عليم، والحجة في(٢) ذلك قول الرحمن الرحيم: {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ ٨٠}[الزخرف]، والسر: هو(٣) ما انطوت عليه الضمائر ولم يبد، فذلك أسر السرائر، والنجوى: هو(٤) ما يتسار به ويخفيه المتناجون من الكلام والمحاورة فيما يخفون ويكتمون، والسر الذي في القلوب فلن يُسمع؛ لأنه
(١) في (ب، هـ): يعاين ويُرى.
(٢) في (ب): على.
(٣) في (أ، ب، د): فهو.
(٤) في (أ، ب): فهو.