مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

باب الرد على أهل الزيغ من المشبهين

صفحة 169 - الجزء 1

  يخلق جسماً، فلما أن بطل لما ذكرنا أن تكون جعلت نفسها⁣(⁣١) ثبت أن الجاعل لها غيرها، المصور المقدر لخلقها، فلما أن ثبت أن فاعلها غيرها ثبت أنه بخلافها، وأنه مباين في كل الأمور لها، غير مشاكل لشيء منها، فلما أن صح بُعْدُه عن مشاكلتها صح عجز المجعولات عن درك جاعلها، وثبت انحسارها عن تحديد خالقها، فلما أن صح عجزها عن دركه وثبت انحسارها عن تحديد خالقها ثبت بذلك له أيها السائل ما أنكرت من معرفته سبحانه، فلما ثبت⁣(⁣٢) لك معرفته صحت لك بلا شك وحدانيته، ولما صحت له سبحانه الوحدانية وجبت له الربوبية.

  فافهم ما عنه سألت وانظر فيه إذا نظرت بلب حاضر، ورأي وارد صادر، يبن لك في ذلك الصواب، وينكشف لك عنه الحجاب، إن شاء الله والقوة بالله وله.

  ومن الحجة في ذلك أيضاً: أن يقال لمن قال ذلك: أخبرنا عن العقل الذي تريد بزعمك أن تقف به على معرفة ربك، أحجة لله هو فيك أم ليس بحجة له عليك؟ فلا تجد بداً من أن تقول: هو حجة لله فيَّ ركبها سبحانه للاحتجاج بها عليَّ.

  وإذا⁣(⁣٣) قال ذلك، وكان الأمر عنده في كذلك، قيل له: أو ليس كذلك القرآن، وهو⁣(⁣٤) حجة عليك وعلى غيرك من الرحمن؟

  فإذا قال: نعم كذلك أقول، وإلى ذلك اعتقادي يؤول.

  قيل له: فهل يجوز أن تتضاد حجج الله وتختلف، وتتباعد في المعاني فلا تأتلف، فتدل إحداهن على معنى، وتبطله وتنكره الأخرى، فكلما أثبتت حجة العقل لله حجة على العباد، أنكرتها ودفعتها وخالفتها وأبطلتها حجة الله في


(١) في (ب، هـ): أنفسها.

(٢) في (أ، ب، هـ): ثبتت.

(٣) في (أ، ب، د): فإذا.

(٤) في (ب): هو.