مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

باب الرد على أهل الزيغ من المشبهين

صفحة 170 - الجزء 1

  القرآن، وكلما أثبتت حجة الله في القرآن شيئاً دفعته حجة العقول دفعاً.

  فإن قال: نعم يكون ذلك ويوجد - استغني [عن مناظرته⁣(⁣١)] بجهله واستُدِل بذلك على كفره، وخالف الخلق أجمعين، وقال بما لم يقل به أحد من العالمين، وافتضح عند نفسه فضلاً عن غيره؛ لأنه زعم أن حجج الله تتناقض وتتضاد وما تناقض وتضاد فليس بحجة لله على العباد.

  وإن رجع إلى الحق، وتعلق بالقول⁣(⁣٢) بالصدق فقال: لا يجوز ذلك، ولا يكون أبداً كذلك؛ لأن حجج الله على الخلق يؤكد بعضها بعضاً، ويشهد ناطقها من القرآن لمستجن مركبها في الإنسان، ويشهد عقل الإنسان لنواطق حجج القرآن، وكذلك ما نطق به الرسول يشهد له القرآن والعقول، من ذلك ما يروى عن النبي المصطفى [السراج المنير، والحجة لرب العالمين على عباده أجمعين، عليه وآله أفضل صلوات أرحم الراحمين⁣(⁣٣)]، من أنه قال: «سيكذب عليّ من بعدي كما كذب على الأنبياء من قبلي، فما أتاكم عني فاعرضوه على كتاب الله، فما وافق كتاب الله فهو مني وأنا قلته، وما خالف كتاب الله فليس مني ولم أقله»⁣(⁣٤) فأخبر ÷ أنه لا يأتي منه قول مخالف للكتاب؛ لأنه حجة لله في كل الأسباب، ولن تخالف حجة من حجج الله حجة.

  وكذلك العقل فهو حجة لله على خلقه، لا يوضح ولا يدل إلا على ما دل عليه وأوضحه القرآن، فإذا فهم ما قلنا به من ذلك السائل، وقال به ووقف على


(١) زيادة من (ب، هـ).

(٢) في (أ، ب، هـ): من القول.

(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (ب، هـ).

(٤) للإمام الحجة مجدالدين بن محمد المؤيدي # كتاب حول هذا الحديث تحت عنوان: (فصل الخطاب في تفسير خبر العرض على الكتاب) ضمن كتابه مجمع الفوائد. وقد روي بألفاظ قريبة من هذا في: كنز العمال (٩٩٢، ٩٩٣) (١/ ١٩٦)، مجمع الزوائد (٧٨٦، ٧٨٦) (١/ ١٧٠)، تذكرة المحتاج بطرق متعددة تحت رقم (٢٢) ص (٢٨)، وغيرها.