مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

باب الرد على أهل الزيغ من المشبهين

صفحة 171 - الجزء 1

  أن حجج الله يؤكد بعضها بعضاً، ولا يبطل شيء منها شيئاً - قيل له: كيف يا لك الخير تريد من العقل المخلوق أن يصف لك الخالق، ويقف لك عليه بتحديد، وفي ذلك إبطال ما نطق به القرآن من توحيد الله⁣(⁣١) الواحد الحميد، وذلك قول الرحمن فيما نزل من النور والفرقان حين يقول: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ١١}⁣[الشورى]، ويقول سبحانه: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ١ اللَّهُ الصَّمَدُ ٢ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ٣ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ٤}⁣[الإخلاص].

  والكفء فهو: المثل والنظير في الصغير كان من الأمور أو الكبير، وهذا كله وما كان من القرآن مثله فينفي عن الله التشبيه، وكذلك حجة الله من العقول في الإنسان تنفي ما نفاه عن الله [المحكم من⁣(⁣٢)] القرآن، ولو ثبَّت عقلك أو صحح لك لبُّك أن ربك محدود، أو أنه جسم كسائر الأجسام موجود، لكان عقلك قد ثبَّت لك أن ربك كغيره من الأشياء، فتعالى عن ذلك العلي الأعلى، ولو كان ذلك كذلك لتناقضت حجج الرحمن في كل قول وبيان، ولو تناقضت حججه لبطلت فرائضه، ولو بطلت فرائضه لبطل معنى إرساله لرسله، ولو بطل معنى إرساله لرسله لبطل معنى أمره ونهيه، ولو بطل معنى أمره ونهيه لبطل معنى ثوابه وعقابه، ولو بطل معنى ثوابه وعقابه لبطل معنى خلقه لدنياه وآخرته، ولو بطل معنى خلقه لدنياه وآخرته لبطل معنى خلقه لسمواته وأرضه، ولو بطل معنى خلقه لسمواته وارضه لبطل معنى خلقه لما فيهما وبينهما من خلقه، ولو بطل معنى خلقه لما فيهما وما بينهما من خلقه لما كان لما أوجد من ذلك معنى، ولو لم يكن لجميع ما أوجد من الأشياء أو بعضها معنى ثابت مفهوم صحيح بين معلوم لدخل بذلك على الحكمة الفساد؛ لأن الحكيم لا يفعل فعلاً إلا لسبب


(١) في (ب، هـ): التوحيد لله.

(٢) زيادة من (أ، ب، هـ).