باب الرد على أهل الزيغ من المشبهين
  وأمر ومعنى، ومن فعل شيئاً(١) لغير معنى فإنما ذلك كان منه عبثاً وجهلاً، ولو دخل على الحكيم ضد الحكمة لكان اسم الجهل له لازماً، ومن لزمه اسم الجهل فليس بخالق، والخالق فهو الحكيم غير الجاهل، فتعالى الله الرحمن الرحيم، الخلاق الحكيم، لا إله إلا هو الواحد الكريم عما يقول فيه المبطلون، ويضيف إليه الفاسقون، ويصفه به الجاهلون.
  فلينظر من نظر في كتابنا هذا إلى ما يؤول إليه قول من قال بتناقض حجج الرحمن واختلافها في الشرح والبيان فإنه يؤول إلى جحدان الخالق وإبطاله ودفعه له بما يدخل عليه من الجهل في خلق ما يخلق؛ إذ خلق - بزعم من جهل وفسق - لغير معنى، وقد يعلم أن من فعل فعلاً لغير سبب ولا معنى فإنما عبث واستهزأ وضاد الحكمة فيما به أتى، والله سبحانه فمخالف لذلك، متعال سبحانه عن الكينونة كذلك، فقد بان بحمد الله لكل ذي عقل وعرفان وفهم وتمييز وبيان، أمر من قال بتناقض حجج الله(٢) أنه غير عارف به ولا مقر، ومن لم يعرف الله ﷻ عن أن يحويه قول أو يناله فلم يعبده، ومن لم يعبده فقد عبد غيره، ومن عبد غيره فهو من الكافرين، ومن كان من الكافرين فقد خرج بحمد الله من حد المؤمنين.
  فنعوذ بالله من الجهل والعمى، ونسأله الزيادة في الرحمة والهدى، وحسبي الله [ونعم الوكيل(٣)] فنعم المولى ونعم النصير، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي القدير.
  تم كتاب المسترشد
(١) في (ب، هـ): فعلاً.
(٢) في (ب، هـ): الرحمن.
(٣) زيادة من (ب، هـ).