[شهادتهم لنا في الوعد والوعيد]
  محدوداً؛ لأن ما كان كذلك كان أجزاء كثيرة بعضها غير بعض، ولم يكن واحداً؛ لأن الواحد في الحقيقة لا يكون له أشباه، ولا يكون له ثان.
  فلما شهدوا لنا أنه واحد ليس كمثله شيء أخذنا بذلك وتركنا اختلافهم؛ إذ نقضوا به شهادتهم، فهذا ديننا وشهادتنا، وحجتنا على كل من خالفنا في التوحيد.
[شهادتهم لنا في العدل]
  وأما شهادتهم لنا في العدل فإنهم شهدوا أن الله تبارك وتعالى عدل لا يظلم ولا يجور، وأنه خيرٌ للخلق من الخلق لأنفسهم، وهو أرحم الراحمين، ثم نقضت ذلك المجبرة بقول من قال منهم: إنه كلف العباد ما لا يطيقون، وإنه أخرجهم من الطاعة، وإنه عذبهم على ما خلقه فيهم، وبقول من قال منهم: إن الله يريد أن يعصى ثم يغضب مما أراد، وبقول من قال منهم: إنه يعذب الطفل الصغير بجرم الشيخ الكبير، وبأقاويل كثيرة كلها تنقض قولهم: إنه عدل لا يجور، تعالى الله عما قالوا.
  فعلمنا أن العدل الرحيم لا يفعل ذلك؛ إذ كان ذلك ممن فعله جوراً وظلماً وعبثاً، تعالى الله عن ذلك، فأخذنا بما شهدوا لنا به في أصل شهادتهم أنه لا يظلم ولا يجور ولا يعبث، وأنه حكيم رحيم، عدل كريم، وتركنا ما نقضوا به جملتهم عند اختلافهم، فهذا ديننا وحجتنا على من خالفنا في العدل.
[شهادتهم لنا في الوعد والوعيد]
  وأما شهادتهم لنا في الوعد والوعيد فإنهم شهدوا جميعاً أن الله تبارك وتعالى صادق في جميع أخباره، وأنه لا يخلف الميعاد، ولا(١) يبدل القول لديه، صادق الوعد والوعيد في أخباره، ثم نقض ذلك المرجئة بقول من زعم إن الله جائز أن
(١) في (ب): وأنه لا.