[شهادتهم لنا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]
  لهم اسم الإيمان إذ كانوا عليه عند إصابتهم الكبائر غير مجتمعين، ولم يكن(١) في شيء من اختلافهم حجة من حجج رب العالمين، فهذا ديننا وحجتنا على من خالفنا في المنزلة بين المنزلتين.
[شهادتهم لنا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]
  وأما شهادتهم لنا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - فإنهم شهدوا أن ذلك واجب إذا أمكن وقدر عليه، وشهدوا أن نصرة المظلوم فرض، والأخذ على يد الظالم فرض إذا أمكن ذلك، ثم اختلفوا بعد ذلك؛ فقال منهم قائلون: لا ندفع الظالم(٢) عن أنفسنا ولا عن غيرنا إلا بالقول والكلام، وإن انتهبت أموالنا وانتهكت حرماتنا لم نقاتل بالسلاح، وإن كان في ذلك دفع الظلم عنا وعن المسلمين، ولكنا نترك الظالمين والباغين يبلغون منتهى حاجتهم منا ومن حرماتنا وأموالنا، ثم يمضون سالمين.
  وقال آخرون: نقاتل وندفع عن أنفسنا وحرماتنا وأموالنا بالسلاح وغيره، فإن قتلنا رجونا أن نكون شهداء، وإن قتلناهم رجونا أن نكون سعداء.
  فلما شهدوا أن نصرة المظلوم ودفع الظالم والأخذ على يد الظالم فريضة لازمة لمن قدر عليها - علمنا أنه لا يخرجنا من هذه الفريضة إلا أداؤها، والقيام بها بالسلاح وغيره إذا أمكننا ذلك، فأخذنا بما أجمعوا عليه لنا في أصل شهادتهم، ولم نترك ذلك كما تركه الآخرون وهم على دفعه قادرون، فهذا ديننا وحجتنا على من خالفنا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ودفع الظالم.
  فمن أقام على هذه الأصول كما أقمنا، ودان به كما دِنَّا، وعمل بما استحق الله عليه فيها - فهو منا وأخونا وولينا، ندعوه إلى ما أجابنا، ونجيبه إلى ما دعانا، ومن خالفنا وفارقنا عليها حاججناه بالمحكم من كتاب الله، ورددناه إلى المجمع
(١) في (ب، هـ): يقم.
(٢) في (ب): الظلم.