باب في خلق القرآن
  وقال: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا}[الزخرف: ٣]، وقال: {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا}[الأعراف: ١٨٩]، وكذلك خلق القرآن؛ إذ جعله قرآناً عربياً كما جعل الشمس ضياء والقمر نوراً بأن خلقهما [كذلك(١)].
  وقال: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ ٢}[الأنبياء]، وقال: {أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا ١١٣}[طه]، فأخبر أنه محدث، وأنه ليس بقديم، وإذا كان محدثاً فالله أحدثه، وهو مخلوق والله خلقه.
  وقال: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ}[التوبة: ٦]، وقال: {يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ٧٥}[البقرة]، وقال: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ}[الشورى: ٥٢]، وقال: {إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ}[النساء: ١٧١]، وقال: {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ٢٩}[الحجر]، وقال: {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا}[التحريم: ١٢]، فأخبر أن القرآن كلامه وروح من أمره، وأن عيسى كلمته وروح منه، وأنه نفخ في آدم من روحه، وكذلك في مريم، ثم أجمل ذلك كله فقال: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ٥٩ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ}[آل عمران]، فأخبر أن معنى الكلمة والروح خلق من خلقه، وتدبير من أمره، وكذلك القرآن سماه كلامه وروحاً من أمره، ومعنى ذلك أنه خلق من خلقه وتدبير من تدبيره وأمره.
  وقال: {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ}[النحل: ١٠١]، وقال: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى
(١) ساقط من (ب، هـ).