باب ذكر العبادة
باب ذكر العبادة
  ذكر الله في كتابه أنه خلق الخلق لعبادته فقال: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ٥٦}[الذاريات]، وقال: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ}[النساء: ٦٤]، ولم يقل: إني أرسلت الرسل ليكذَّبُوا أو يقتلوا، ولا أني خلقت خلقي لعبادة غيري.
  وقال: {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى ٤٣ فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ٤٤}[طه]، وقال: {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ ٤ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ٥}[البينة].
  فبهذه الآيات ونحوها علمنا أن الله إنما خلق الخلق لعبادته وطاعته، لا لمعصيته والكفر به، كما زعمت القدرية [المجبرة(١)] أن الله خلق أكثر خلقه لعبادة غيره، [ولم يخلقهم لعبادته(٢)] تعالى عما قالوا علواً كبيراً.
باب ذكر المخلوق
  وذكر الله في كتابه أنه لم يفعل فعل عباده، وما لم يفعله لم يخلقه؛ لأن الفعل والخلق منه واحد، وقال ø: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا ١١١}[الإسراء]، فأخبر أن ليس له شريك في شيء مما خلق، فلو كان الأمر على ما(٣) زعمت القدرية أن الله خلق الكفر كله، وفِعْل الكافر كله لا يملكه الله دون الكافر، ولا يملكه الكافر دون الله، ولا يقدر العبد أن يفعله، ومتى فعله العبد خلقه الله،
(١) زيادة من (ب، هـ).
(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (ب، هـ).
(٣) على ما: في (ب، د، هـ): كما.