مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

باب ذكر المؤمنين

صفحة 195 - الجزء 1

  # كانت خيراً له من الدنيا وما فيها، وبقاه ما كانت الحياة خيراً له، وتوفاه حين كانت الوفاة خيراً له؛ لذلك قال: {وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى ٤ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ٥ أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى ٦ وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى ٧}⁣[الضحى].

  فعلمنا بهذه الآيات ونحوها أن نظر الله لخلقه أحسن من نظرهم لأنفسهم، وأن ما صنع الله هو⁣(⁣١) خير، وما قضى ففيه الصلاح، وأنه لا يفعل بعباده إلا ما فيه لهم الصلاح والسداد والرشاد، وأنه يتعالى عما يصفه به الجاهلون من ذلك علواً كبيراً.

باب ذكر المؤمنين

  وذكر الله المؤمنين في كتابه فأحسن الثناء عليهم ومدحهم مدحاً جليلاً⁣(⁣٢)، قال فيهم خيراً، وسماهم بأسماء حسنة، وحكم لهم بأحكام شريفة، وبين أنه لا يستحق هذا الاسم الحسن إلا من قال بقولهم، وعمل عملهم، فقال ø: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}⁣[التوبة: ٧١] ... إلى قوله: {ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ٧٢}⁣[التوبة]، فأخبر أن هذه واقعة لهم، وأن من كانت هذه صفته وفعله استحق هذا الاسم الشريف، واستوجب الجنان والرضوان.

  وقال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ٢ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ٣ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ٤}⁣[الأنفال]، فأخبر أن هذه صفة المؤمنين، وأنه لا يستحق أن يكون مؤمناً إلا من كان كذلك، وأن المغفرة والرضوان لأهل هذه الصفة دون غيرهم، وأخبر أن الإيمان يزيد وينقص.


(١) في (ب، هـ): فهو.

(٢) في (ج): جلياً. وفي (ب، هـ): جميلاً.