باب ذكر الأحكام في الكفار
  لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ ١٢}[غافر]، وأهل الكبائر لا يشركون بالله شيئاً ولا يكفرون به، ولا يدعون مع الله إلهاً آخر، ولا يعبدون غيره، إنما هم قوم أصابوا الكبائر على الشهوة منهم والإساءة، وهم لها محرِّمون؛ فبذلك خرجوا من اسم الإيمان، ولم يدخلوا في اسم الكفر والجحدان.
  وقال: {بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ ٢٢}[الانشقاق].
  فبهذه الآيات ونحوها علمنا أن فسقة قومنا من أهل الصلاة ليسوا بكفار، وهذا تكذيب للخوارج المارقة الذين يشهدون على أهل التوحيد والإقرار من أهل القبلة إذا أصابوا كبيرة من الكبائر أنهم كفار بالله العظيم، خارجون من قبلة الإسلام، فنعوذ بالله من جهلهم وضلالهم.
باب ذكر الأحكام في الكفار
  وذكر الله ø حكمه في الكفار ففرق بين حكمهم وحكم أهل الكبائر من أهل الصلاة فقال: {فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ}[محمد: ٤]، إلى قوله تعالى: {حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا}[محمد: ٤]، وقال تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً}[التوبة: ١٢٣]، وقال: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ}[الممتحنة: ١٠]، يريد النكاح والتزويج، وذلك لأنه لا يحل لمؤمن أن يتزوج من الكفار، وقد أحل للمؤمنين أن يتزوجوا الفاسقة من أهل الصلاة.
  وقال: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ}[التحريم: ٩]، وقال: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ ...} الآية [النساء: ١٨]، فأخبر أنه لا يقبل التوبة من صنفين وهم الكفار الذين يموتون على كفرهم، وأصحاب الكبائر الذين يُرَجُّون(١) التوبة حتى يحضرهم الموت فيتوبون عند ذلك.
  فبهذه الآيات ونحوها علمنا أن فسقة قومنا من أهل الكبائر ليسوا بكفار،
(١) في (ب، هـ): يؤخرون.