باب ذكر المنزلة بين المنزلتين
  مناكحة المشركين والكفار كلهم، وحرم نكاح المشركات والكوافر كلهن، وفرض على المسلمين قتل المشركين والكفار كلهم، إلا ما يخص أهل الجزية من أهل الكتاب في قوله: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ٢٩}[التوبة]، وأمر بقتلهم حتى يسلموا أو يعطوا الجزية فيُتْرَكوا عند ذلك ويُرْفَع عنهم السيف، وقد قامت السنة عندنا بمناكحة أهل الكبائر من أهل الصلاة، نسائهم ورجالهم، وموارثتهم وأكل ذبائحهم، وأنه لا يتوارث أهل ملتين شيئاً، وأهل الكفر ملة غير ملة الإسلام، وكثير من الأمة يأكلون ذبيحة المرتد ولا يأكلون ذبيحة المشرك، والمرتدون عندنا يفرق بينهم وبين نسائهم، ولا تؤكل ذبائحهم، وليس هذا حكم أهل الكبائر وأصحاب الحدود.
  ولو كانوا كفاراً مشركين كانوا لا يعدون أن يكونوا كاليهود والنصارى والمجوس والصابئين وعبدة الأصنام والمرتدين، ولو دخلوا في بعض هذه الأصناف كان حكمهم لازماً لنا، فلما وجدنا حكمهم مفارقاً لأحكام أهل الكفر كلهم علمنا أنهم ليسوا بكفار ولا مشركين، ولكنهم فساق فجار من أهل النار، إلا أن يتوبوا ويرجعوا.
  ومن اجترى من الخوارج فحكم فيهم بحكم أهل ملة من الملل إما الكفار وإما اليهود والنصارى والمجوس والصابين وعبدة الأوثان والمرتدين عن الإسلام فقد خالف بحكمه حكم رسول الله ÷؛ لأن هذا لم يكن حكمه في أصحاب الحدود وأهل الكبائر من أمته وأهل دعوته، وإنما كانوا ممن يقام عليه الحدود ويسمون بالأسماء القبيحة من الفسق والفجور والظلم والعدوان، ولا تقبل شهادتهم ولا يُزَكَّوا حتى يتوبوا ويرجعوا، ولم يكونوا يسمون بأسماء الكفر والشرك ولا النفاق، ولا يحرم نكاحهم ولا موارثتهم وأكل ذبائحهم، ولا