مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

باب ذكر القيام بالقسط

صفحة 206 - الجزء 1

  {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ}⁣[النساء: ١٣٥] إلى قوله: {خَبِيرًا ١٣٥}⁣[النساء]، وقال تعالى: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ٢}⁣[المائدة]، فأمر تبارك وتعالى بإصلاح ذات البين، والقيام بالقسط في عباده وبلاده، والتعاون على البر والتقوى، وترك التعاون على الإثم والعدوان، وهذا لا يكون كما أمر الله به إلا بمجاهدة الباغين، ومنعهم من الظلم والعدوان. وقال سبحانه: {مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا ٥١}⁣[الكهف]، وقال سبحانه لإبراهيم #: {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ١٢٤}⁣[البقرة]، فأخبر تبارك وتعالى أنه لا يتخذ الظالمين عضداً، وكذلك لا يتخذهم أمراء ولا خلفاء ولا قضاة ولا حكاماً، وأخبر أن عهده لا ينال الظالمين، وكذلك لا يجوز لهؤلاء أن يكونوا أئمة للمسلمين⁣(⁣١) وخلفاء لرب العالمين، وشهادتهم غير مقبولة، وقولهم غير مصدق.

  وقال ø: {يَادَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ ٢٦}⁣[ص]، فلا يستحق الخلافة إلا من حكم بالحق، فإذا عدل عن حكم الله فليس بخليفة.

  وقال سبحانه: {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ٢٨}⁣[الكهف]، وقال تعالى: {وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا ٦٧ رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا ٦٨}⁣[الأحزاب]،


(١) في (ب، ج، هـ): المسلمين.