[حكم من لم تبلغه الرسل]
  ووضع الفيء والغنيمة على ما أمر الله في كتابه من قوله إذ يقول: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ}[الحشر: ٧]، وإذ يقول: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى ...} الآية [الأنفال: ٤١]، وإلى تحريم ما حرم الله في كتابه من {الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ}[المائدة: ٣]، إلى قوله: {بِالْأَزْلَامِ}[المائدة: ٣]، واجتناب الخمور، وشهادات الزور، وقذف المحصنات، والفرار من الزحف، والبخس في المكيال والميزان، مع ما حرم الله من نكاح الأمهات والبنات والأخوات، وما ذكر معهن إلى قوله: {إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ}[النساء: ٢٣]، وأشباه ذلك مما قد ذكر الله من تحريم الزنا وأكل الربا وأكل(١) أموال الناس بالباطل، وأكل أموال اليتامى ظلماً، وإتيان الذكران من العالمين، وأخذ الرشا في الحكم، وتعطيل الحدود والسرقة والخيانة.
[حكم من لم تبلغه الرسل]
  فإن كان في الدنيا أحد لم تأته الأخبار، فعلم أنه وما أشبهه مخلوق، وأن الله خالقه وخالق الخلق، وأنه قديم وما سواه محدث، وأنه لا شبه(٢) له ولا نظير، وأنه عدل لا يجور، وحكيم لا يظلم، فقد أصاب جملة التوحيد والعدل؛ فإن شبَّهه بعد ذلك بيسير، أو شك في أنه يشبه شيئاً، أو ظن أنه يظلم أو يجور، فقد نقض جملته، وخرج مما دخل فيه.
  وأما من أتته الأنباء والأخبار، وقامت عليه الحجة بالرسل والكتب والأنبياء؛ فإذا هو عرف الجملة وأقر بها، وعرف الرسول، وشهد الشهادتين: شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله ÷،
(١) في (ب، هـ): وأخذ.
(٢) في (ب، هـ): شبيه.