[الخلاف بين الأمة فيمن تكون فيهم الإمامة]
  فإذاً ذلك إجماع من الفرق كلها في آل محمد، وذلك أن من أجازها في قريش فقد أجازها في آل محمد ÷؛ إذ كانوا خير قريش وأوسطهم داراً، فأما المعتزلة والخوارج فشهادتهم ساقطة إذ ادعوها لأنفسهم، وفي السنة أن لا تُجاز شهادة الجار إلى نفسه، فجميع هذه الفرق قد أقرت للشيعة بجواز هذا الأمر في آل محمد، وأنكرت الشيعة أن تكون جائزة في غيرهم، فالحق ما أجمعوا عليه، والباطل ما اختلفوا فيه.
  وأجمعت الأمة أن رسول الله ÷ قال: «الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وأبوهما خير منهما» وقال: «هما إمامان قاما أو قعدا»، وأجمعوا أن رسول الله ÷ قال: «إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبداً: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض» فكما لا يجوز ترك التمسك بالكتاب كذلك لا يجوز ترك التمسك بالعترة؛ لأن الكتاب يدل على العترة، والعترة تدل على الكتاب ولا يقوم واحد منهما إلا بصاحبه.
  وقال #: «مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق وهوى» مع ما جاء فيهم وفي أبيهم من تواتر الأخبار وتظاهرها، عليهم صلوات الله ورحمته وبركاته.
  فهذه الأصول هي التي ندين الله بها، فمن دان بها فهو أخونا وولينا، ندعوا إليها من أجابنا ونجيب من دعانا، هذا ديننا ونحلتنا، والطيبون من آل محمد قادتنا، فمن وافقنا فهو ولينا، ومن فارقنا عليه حاججناه بالمحكم من كتاب الله، ورددناه إلى المجمع عليه من سنة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلى آلِهِ وَسَلَّمَ، فإن قبل ذلك [منا(١)] كان له ما لنا وعليه ما علينا، نتولى كل مهتد مضى قبلنا، وسيرتنا في ولينا وعدونا
(١) زيادة من (ب، هـ).