مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

ترجمة الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين #

صفحة 22 - الجزء 1

  علمت أن هذا عن أصل، وكان يعجبه كلامي، ثم أنشأ يحدّث، قال: كنا عند علي بن موسى القمي فذكر له خروج علوي باليمن يدّعي الإمامة فقال: حسني أم حسيني؟ فقيل: بل حسني ويقال: له دون أربعين سنة؛ فقال: هو ذاك الفتى - مرتين -. فقلنا: من هو؟ فقال: كنا في مجلس أبي حازم القاضي يوم الجمعة، فدخل شاب له رواء ومنظر، فأخذته العيون ومكنوه، فجلس في غِمار الناس فما جرت مسألة إلا خاض فيها وذكر ما يختاره منها ويحتج ويناظر، فجعلوا يعتذرون إليه من التقصير في حقه، ثم أسرع النهوض، فقيل لأبي حازم: هذا رجل من الأشراف من ولد الحسن بن علي $ فقال الناس: إن ما خالط قلوبنا من هيبته لمنزلة له؛ فاجتهدنا أن نعرف مكانه وسألنا عنه فلم نقدر عليه، فلما كانت الجمعة الثانية اجتمع الناس وكثروا شوقاً إلى كلامه ورجاء أن يعاودهم فلم يحضر، فتعرّفنا حاله فإذا تغيبه لحال خوف داخله من السلطان.

  وكان أبو حازم يقول: إذا كان لأحد من أهل هذا البيت أمر فلذلك الفتى، ثم عاودنا علي بن موسى فقال: ألم أقل لكم إن العلوي هو ذاك الفتى، قد استعلمت فإذا هو ذلك بعينه.

  وحكى أبو العباس الحسني # قال: حدثني جدي ¦ أن يحيى # قدم آمل قبل ظهوره والناصر ¥ مع محمد بن زيد بجرجان، ومعه أبوه وبعض عمومته والموالي، فنزلوا حجرة بخان العلا قال: وأشار لي إليها ونحن نجتاز الخان يوماً قال: ولم أسمع أنه بلغ من تعظيم بشر من الناس ما كان من تعظيم أبيه وعمومته له، ولم يكونوا يخاطبونه إلا بالإمام.

  قال: ولما سمع الناس به امتلأ الخان بالناس حتى كاد السطح يسقط، وعلا صيته وكتب إليه الحسن بن هشام من سارية وكان على وزارة محمد بن زيد بأن ما يجري يوحش ابن عمك، فقال: ما جئنا ننازعكم سلطانكم، ولكن ذكر أن لنا في هذا البلد شيعة وأهلاً فقلنا: لعل الله أن يفيدهم منا.