مسألة في العلم والقدرة والإرادة والمشيئة
  كمثله شيء(١)]، وأن إرادته ومشيئته حادثتان محدثتان.
  واعلم هديت أن معنى الإرادة(٢) شاء، وأن معنى شاء أراد، ومعنى أراد هو شاء(٣)، وأن معنى المشيئة من الله تعالى للشيء هو إحداثه وخلقه، لا فرق بينهما في [فعل(٤)] الله تبارك وتعالى، ولا يقال لله: إنه شاء أن يخلق ثم خلق من بعد المشيئة، فيفصل بين المشيئة وبين الشيء بمهلة بعدُ، قلّت أم كثرت، وإنما يقع الفرق بين المشيئة وبين الشيء على الآدميين، ومن لا يحيط علمه بعاقبة فعله من المخلوقين، فيحتاج ويضطر إذا شاء الشيء أن ينويه ويضمره، ثم ينتظر به من الأوقات ما يصلح له صنعه فيه من الليل والنهار، أو انتظار حركة منه أو قعود أو قيام أو انتظار من يأمر من الأعوان، ثم لعله أن يعجز عما أراد أو يعجزوا هم، ولا يتهيأ له ولا لهم، والله تبارك وتعالى محيط بعلم الأشياء، لا يعزب عنه شيء من الغيوب، ولا يعجزه(٥) مستصعب من الأمور، إذا شاء شيئاً كان بلا كلفة ولا اضطرار، وليس المشيئة منه بالنية والإضمار، ولا بالمهلة والانتظار، مشيئته للأشياء إيجادها، وإيجادها مشيئته، [فتبارك من كوَّن الأشياء بقدرته، ودل على نفسه بما ابتدع من فطرته(٦)].
  فإن قال: قد فهمنا ما ذكرت وشرحت من الاختلاف بين العلم والقدرة وبين الإرادة والمشيئة، فما تنكر أن يلتئم هذا كله في أحد المعنيين، في أفضلهما وأقواهما وأكبرهما وأعلاهما؟
  قيل له: أنكرنا التئام ذلك كله على معنى واحد من أحد هذين الوجهين؛ لأنا
(١) ما بين المعقوفين ساقط من (ج).
(٢) في (ج): أراد.
(٣) في (ج): ومعنى أراد شاء.
(٤) زيادة من (ج).
(٥) في (أ، ب، د، هـ): يعوزه. وكأنه الصواب.
(٦) ما بين المعقوفين ساقط من (ج).