كتاب الرد على سليمان بن جرير
  جرير وهو ممن يدعي العلم وهو من المجبرة - أن الرضا والسخط والولاية والمحبة من صفات الفعل، وأنها محدثة، وأنه تعالى لا يسخط ولا يرضى ولا يوالي ولا يعادي إلا عند وجود الأفعال من العبد التي يستحق بها ذلك.
  ذكر عن سليمان بن جرير أنه قال: إن الله تعالى لم يزل ساخطاً على من علم أنه يعصيه وراضياً على من علم أنه يطيعه(١)، موالياً من لم يوجد من أوليائه، معادياً لمن هو معدوم من أعدائه، وأن العبد قد يكون مؤمناً والله تعالى معاد له ساخط عليه إذا كان ممن يكفر في آخر عمره، ويكون راضياً عن الكافر موالياً له محباً له إذا كان يؤمن [بالله](٢) في آخر عمره.
  قال الهادي إلى الحق #: واعلم أن السخط والرضا والولاية والمحبة كما ذكرنا من صفات الأفعال.
  والسخط: اسم لكراهية الفعل إذا وقع لوجود المكروه، وكذلك الرضا هو: اسم لإرادة الفعل إذا وقع من العبد على الوجوه المرادة، وكذلك يوصف من أراد فعل غيره، ووقع على مراده وعلى ما أراد بأنه(٣) راض عنه، ويوصف من كره فعل غيره ووقع على ما كرهه بأنه ساخط له، وكذلك يوصف العبد بما دخل تحته من الأفعال، وقد يقال في الفعل الواحد إن زيداً راض به وعمراً ساخط له إذا أراده زيد وكرهه عمرو.
  وإذا لم تكن حقيقة السخط والرضا ما ذكرنا لم يمتنع أن تكون هذه الصفة(٤) من صفات الذات، وإذا كانت كذلك فكان من علم أنه يطيعه مرضياً عنه وهو
(١) في (هـ): سيطيعه.
(٢) زيادة من (د). وفي (هـ): يؤمن في آخر أمره.
(٣) بأنه: مظنن عليها في (أ، د). وفي (ب، هـ): لأنه.
(٤) في (ب، هـ): الصفات.