مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

[حدوث صفات أفعال الله تعالى]

صفحة 234 - الجزء 1

  في حال كفره، فإذا كان العلم هو الموجب للطاعة والمعصية فلا مخرج للعبد⁣(⁣١) إذاً من ذلك.

  قال الهادي #: وقد يكون العبد في المعاصي الجليلة فيكون الله ساخطاً عليه معادياً له، ثم ينتقل إلى الطاعة فينتقل عليه ضد ذلك من الرضا والولاية والمحبة والمعونة له، وقد يكون في طاعة الله ø فيكون الله راضياً عليه، ثم ينتقل إلى المعاصي فينتقل عليه ضد ذلك الرضا وهو السخط.

  واعلم أن الرضا بالفعل هو غير الرضا عن الفاعل، وإنما يرضى عن الفاعل إذا أتى كمال مراده منه، ولأن العبد قد يرضي الله في جميع أفعاله، ويسخطه في وجه، تبيين ذلك أن الصغيرة الواقعة من الأنبياء $ مسخطة لله، وإن كان سائر أفعالهم مرضية له، وتبيين ذلك أيضاً أن الواحد منا قد يكون مرضياً لغيره في وجه، ومسخطاً له في آخر، وكذلك في طاعة الكافر وكفره، فإذا صح ذلك لم يجز متى رضي تعالى ببعض أفعال المكلف أن يكون راضياً عنه؛ لأن الرضا هاهنا معلق بالفعل، وإنما يتعلق الرضا بالفاعل إذا أرضى الله ø في أفعاله على قولنا في استحقاق المدح والثواب، فإذا كان العبد مسخطاً لله في وجه ومرضياً له في وجه، قيل: إن الله راض ببعض فعله ساخط لبعضه، ولم يتعلق السخط والرضا هاهنا بالفاعل، فإذا علق بالفاعل كان محالاً أن يوصف الله بأنه راض على من هو ساخط عليه.

  فأما الولاية من الله تعالى للمؤمنين فإنما يتولى تعظيمهم ومدحهم، ويأمر بذلك بعد استحقاقهم لذلك بأفعالهم.

  وأما العداوة فحقيقتها إنزال المضار بالعاصي، واستعمال العداوة [لله⁣(⁣٢)] من الكافر مجاز؛ لأن الكافر لا يقدر على إنزال المضار به تعالى، وإنما يوصف


(١) في (ب، هـ): فلا يخرج العبد.

(٢) ساقط من (ب، هـ).