مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

كتاب تفسير الكرسي

صفحة 242 - الجزء 1

  الذي أريد بذكر هذا الكرسي: اعلم⁣(⁣١) رحمك الله أن هذا الكرسي مثل ضربه الله لعباده ليستدل به العباد على عظمة الله تبارك وتعالى وإحاطته بالأشياء واتساعه لها، فهذا الكرسي مثل يحكي عن الله سبحانه، وليس ثم شيء سوى الله ø، وهذه الإحاطة بجميع الأشياء فإنما هي إحاطة الله ø وليس ثم كرسي مخلوق ولا شيء سوى الخالق أحاط بجميع ما خلق، فليس شيء مما خلق الله ø إلا والله سبحانه محيط به، وليس شيء مما خلق الله بمحيط به هو أصغر وأحقر من ذلك؛ إذاً لكان الشيء المحيط بالله - جل الله - أوسع من الله وأكبر منه، وسأذكر لك في هذا أخباراً واضرب لك فيه⁣(⁣٢) أمثالاً، حتى تتحقق في قلبك المعرفة بالله ø وتحذف عن قلبك الشك والارتياب: اعلم رحمك الله أن هذه الفرقة من المشبهة قوم هم عند الله أكذب الكاذبين وأخسر الخاسرين، ولأقسمت يميناً بالله ø صادقاً إن الواحد منهم ممن يرى أنه على شيء ليصلي ويصوم ويتنفل وإن قلبه ليحكي له بعده من الله تبارك وتعالى، وإنه لا يتقرب من الله أبداً ولا يزداد لكثرة⁣(⁣٣) عمله إلا بعداً، وإن قلبه لنافر من الله سبحانه؛ لأن القلوب إنما تقر وتهدأ وتطمئن على تحقيق المعرفة، فإذا عرف اطمأن وهدأ.

  ونحن فلا نقول: إنهم جحدوا الله سبحانه، وذلك أن الله فطرهم على معرفته، ولكنا نقول: إنهم جهلوا الله وصغروه، فلهم أصغر صغير وأحقر حقير عند الله عز ذكره.

  فإذا عرفت الله سبحانه ووصفته بهذه الإحاطة التي ذكرت لك فقد عرفت


(١) في (ب، هـ): واعلم.

(٢) فيه: ساقط من (أ).

(٣) في (هـ): بكثرة.