مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

كتاب العرش والكرسي

صفحة 246 - الجزء 1

  وله ~:

كتاب العرش والكرسي

  

  قال يحيى بن الحسين ~: والكرسي والعرش، والقبضة والبطش⁣(⁣١)، والإتيان والمجيء، والكتاب والصراط والميزان، والكشف عن ساق واليدان، والقبض والبسط، والوجه والحجاب - أمثالٌ كلها، لا يضاف شيء منها إلى صفات البشر، فمن أضاف شيئاً منها إلى صفات الخلق فقد كفر، وإنما هذه الصفات من أمثال القرآن، وهو قوله: {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ ٤٣}⁣[العنكبوت]، وقد ذكر الله الأمثال في كثير من القرآن.

  فنقول: إن المعنى في العرش والكرسي والوجه سواء ليس بينهما فرق، والمعنى فيها واحد فنقول: إن معنى الوجه في الله هو الله، ومعنى الكرسي في الله هو الله، ومعنى العرش في الله هو الله⁣(⁣٢)، لا شك في ذلك عندنا ولا ارتياب فيه.


(١) في (د، هـ): النظر.

(٢) قال المولى العلامة الحسين بن يحيى المطهر ¦ في كتابه (القول السديد) ما لفظه: هذا، واعلم أن في كلام الهادي في العرش والكرسي اضطراباً أشكل على كثير من الطلبة، وكذا في كلام جده القاسم @ فتأملت كلامهما فإذا هما يريدان أن ليس مع الله عرش وكرسي حقيقة يقعد عليهما، حتى يلزم التشبيه، وإنما هو تمثيل، وكناية عن الملك، وقد اتفقا على تفسيرهما بالملك، وليس المراد بالملك المملوك بل الملكية المحيطة بالكون، والمراد بالملكية: القدرة المحيطة بكل شيء، لا كإحاطة الأسوار والجدران، بل إنه قادر على السموات والأرضين وما بينهما، تبديلهما وإعدامهما وتغييرهما وتحويلهما وإيجاد غيرهما. وقد صرّح به الهادي # ولهذا جعلهما من صفات الذات، وصفاته تعالى ذاته، ومعنى ذلك: أن ليس لله آلة يعلم بها، أو يقدر بها، أو يسمع بها، أو يبصر بها، بل ليس إلا مجرد الذات، ولا يمكن، ولا يصح أن يكونا من صفات الذات إلا إذا جعلناهما بمعنى القدرة، أو العلم. ولا يصح أن يكونا بمعنى المملوك؛ لأنهما يتنافيان مع قوله تعالى: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ}⁣[البقرة: ٢٥٥]، وقوله تعالى: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ}⁣[هود: ٧]، لأنَّ السموات والأرض والماء هي المملوكات، فتكون إذاً هي العرش والكرسي، فيصير المعنى إذاً: وسعت السموات والأرض أنفسها، وكان الماء على الماء، وهذا لا يصح. هذا توجيه كلامهما @ وهو كلام قويم.

وحاصله: أن ليس لله سبحانه سرير أو كرسي يقعد عليه فيلزم التشبيه، ولا يبعد عندي أن يراد بالكرسي =