كتاب العرش والكرسي
  به على ملكه، ومعنى يستدل به على ملكه: أنه يستدل به عليه لأنه الملك نفسه، وليس شيء مما خلق [الله(١)] يزيد في ملكه، وكذلك الوجه يستدل به عليه، وكذلك العرش يستدل به عليه؛ لأنها أمثال قدمها الله تحكي من حسن الله وبهائه، أعني حسنه في ذاته وبهاءه في ذاته، وليس ذلك الحسن والبهاء الذي هو لله ø على شيء من صفات حسن الخلق وبهائهم.
  ولا نصف الله ø بشيء من صفات البشر، بل نقول: إن معنى(٢) ذلك كله - إذ يعود كل صنف إلى أصله - أنه هو الله ø لا غيره، وليس نقول: إن ثم عرشاً مخلوقاً ولا كرسياً مخلوقاً ولا وجهاً مخلوقاً، وليس شيء من هذه الثلاثة الأمثال العرش والكرسي والوجه يوجد أبداً بصفة من الصفات، ولا بحلية من الحلات(٣)، إنما المعنى في هذا كله الله الذي لا إله غيره(٤) وحده لا شريك له.
  فإن قال قائل أو سألنا سائل فقال: ما معنى العرش الذي ذكره الله في كتابه؟
  قلنا له: اسم يدل على الله في ارتفاعه وعلوه فوق خلقه من أهل سمواته وأرضه.
  فإن قال لنا: ما الكرسي الذي ذكره الله في كتابه؟
  قلنا له: اسم يحكي عن صفات الله في ذاته.
  فإن قال: وكيف صفات الله في ذاته؟
  قلنا له: إن الكرسي يدل على الله، وهو اسم من أسماء ملك الله، وليس ثم شيء سوى الله، ومعنى {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ}[البقرة: ٢٥٥]، [أنه هو وسع السموات والأرض](٥) [بكرسيه، ومعنى: وسع السموات والأرض بكرسيه أي: وسع السموات والأرض(٦)] بعلوه واقتهاره، ألا تسمع إلى قوله:
(١) زيادة من (ب).
(٢) في (هـ): معناه.
(٣) في (ب، هـ): الحليات.
(٤) في (ب، هـ): إلا هو.
(٥) ما بين المعقوفين ساقط من (هـ).
(٦) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).