[معنى قوله تعالى: {رب العرش العظيم 129} و {رب العرش الكريم 116}]
  ومن الدليل على أن الله ø أراد بذكر الكرسي والعرش أن يعرف عباده عظم سعته وإحاطته بالأشياء قوله ø: {لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا ١٢}[الطلاق]، وقوله: {وَاللَّهُ مِنْ وَرَاءِهِمْ مُحِيطٌ ٢٠}[البروج]، وكثير في كتاب الله [ø(١)] مما يدل على أن الله محيط بالأشياء، وهذا الكرسي مما يدل على إحاطة الله بجميع الأشياء واتساعه عليها، وتفسير العرش أيضاً كتفسير الكرسي سواء سواء، فهذا معنى قولنا: إن العرش هو الله، وإن الوجه هو الله، وإن الكرسي هو الله.
[معنى قوله تعالى: {رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ١٢٩} و {رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ ١١٦}]
  فإن قال قائل: ألستم تقولون: هو الله؟
  قلنا له: نعم.
  فإن قال: فما معنى قوله: {رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ١٢٩}[التوبة]، وقوله: {رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ ١١٦}[المؤمنون]؟
  قلنا له: معنى ذلك عندنا كمعنى قوله سبحانه: {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ١٨٠}[الصافات]، وهو العزيز بنفسه، وكذلك قلنا: إن العرش هو الملك وهو الملك بنفسه.
  ومعنى «رب الملك» و «رب العزة» أي: مالك الملك ومالك(٢) العزة، يريد: صاحب الملك وصاحب العزة، ومالك الشيء ورب الشيء سواء في المعنى؛ فلذلك جعلنا العرش متصلاً بالله؛ لأنه مِلْك الله، ومُلْك الله متصل به، ولذلك لم يكن بين الملك(٣) وبين الله فرق؛ لأنه لو جاز لنا أن نفرق بين الله وبين ملكه لقلنا: إن الله خلق الملك - في زمن الملك - في ذاته، وملك الله ø فلا يقاس بملك العباد؛ لأن العباد إنما صاروا ملوكاً بما ملكوا، والله فهو الملك
(١) زيادة من (ب).
(٢) مالك: ساقطة من (ب).
(٣) في (هـ): العرش.