مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

كتاب الرد على المجبرة القدرية

صفحة 260 - الجزء 1

  ثم يُسألون فيقال لهم: خبرونا عن قول الله تبارك وتعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ٣ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا}⁣[المجادلة]، أرأيتم من حنث في ظهاره وكان موسراً كثير الرقيق صحيح البدن، قوياً على الصيام فقال: لا أعتق رقبة ولا أصوم ولكني أطعم، فقيل له: هذا لا يجوز لك؛ لأن الإطعام لمن لا يجد عتقاً ولا يقوى على صيام، فقال: أنا غير مستطيع لذلك؛ لأن الله لم يقض لي به، فلست أفعل إلا ما قضى الله لي به من الإطعام - ما تقولون له؟

  فإن قالوا: نقول له: أطعم ولا تعتق ولا تصم؛ لأن الله لم يقدره⁣(⁣١) عليك ولم يقض لك به - ردوا كتاب الله وخالفوا رسوله.

  وإن قالوا: بل نقول له: هذا لا يجوز لك، وقد أوجب الله عليك العتق فأعتق - تركوا قولهم ورجعوا إلى الحق.

  ومما يُسألون عنه: يقال لهم: أخبرونا عن قول موسى # للخضر: {لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا ٧٧}⁣[الكهف]، أتقولون: إنه قال: لو شئت، وهو لا مشيئة له؟ فتخطِّئون موسى #؟ أم تقولون: إنه لم يقل إلا الحق وإن الخضر قد كان يقدر أن يفعل؟

  فإن قالوا: لا مشيئة له ولا استطاعة - خطَّأوا نبي الله وجهَّلوه.

  وإن قالوا: قد كانت له مشيئة واستطاعة - تركوا قولهم ورجعوا إلى الحق.

  ومما يُسألون عنه: أن يقال لهم: أخبرونا عن قول الله ø: {يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ


(١) في (ب، هـ): يقدر.