مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

كتاب الرد على المجبرة القدرية

صفحة 261 - الجزء 1

  يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا ٦٠}⁣[النساء]، أفتزعمون أنهم أرادوا أن يتحاكموا إلى الطاغوت، أم الله أراد ذلك وقضى عليهم به؟

  فإن قالوا: إن الله أراد ذلك وقضى به عليهم - ردوا كتاب الله وخالفوه؛ لأن الله سبحانه قد نسب ذلك إليهم، وذكر أنهم الذين أرادوا ذلك، والمجبرة القدرية يزعمون أن الله أراد منهم أن يتحاكموا إلى الطاغوت دونه ودون رسول الله ÷.

  وإن قالوا: بل هم أرادوا ذلك والله لم يرده - خرجوا من الباطل ورجعوا إلى الحق، وقالوا على الله بالصدق.

  فيقال لهم: قد نسمع الله سبحانه يقول ويذكر أن الشيطان هو الذي أراد أن يضلهم ضلالاً بعيداً، والمجبرة تزعم أن الله أضلهم فالله أولى بالصدق منهم، والله سبحانه فأصدق الصادقين، وأبعد الأبعدين من إضلال الضالين، والمجبرة والقدرية فأكذب الكاذبين على الله رب العالمين.

  ويُسألون عن قول الله سبحانه فيقال لهم: أخبرونا عن قول الله سبحانه: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ٩١}⁣[المائدة]، أتقولون: إن ذلك من الشيطان كما قال الله؟ أم تقولون: إنه من الرحمن؟

  فإن قالوا: هو من الشيطان كما قال الله، وهو قضاء منه وتزيين لا من الله - تركوا قولهم ورجعوا إلى الحق وإلى قول أهل العدل.

  وإن قالوا: هو من الله لا من الشيطان خالفوا في ذلك وردوا قول الله؛ لأن الله يقول: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ}، وهم يقولون: إنما يريد الرحمن، وكفى بهذا لمن قاله كفراً.

  ومما يُسألون عنه: أن يقال لهم: خبرونا عن قول الله ø: {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ ١٠٨}⁣[آل عمران]، وعن قوله: {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ٤٦}⁣[فصلت]،