كتاب الرد على المجبرة القدرية
  فهل يقولون: إن الله يريد ظلماً لأحد من عباده؟
  فإن قالوا: لا - تركوا قولهم الذي يقولون به إن الله أدخلهم في المعاصي ثم يعذبهم عليها ويشقيهم بها.
  وإن قالوا: إن الله يريد ظلمهم - ردوا كتابه(١) وكفروا به.
  ومما يُسألون عنه من محكم كتاب الله أن يقال لهم: أخبرونا عن قول الله ø(٢): {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ٢٦ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا ٢٧}[النساء]، أفليس إنما أراد الله البيان والتوبة والهدى، وأراد الكافرون الزيغ والردى؟
  فإن قالوا: نعم - رجعوا إلى الحق وتركوا قول الباطل وقالوا بقول أهل العدل.
  وإن قالوا: بل الله الذي أراد الميل وقضى به عليهم - خالفوا الله في قوله، فاستوجبوا منه العذاب.
  ومما يُسألون عنه أن يقال لهم: أخبرونا عن قول الله ø: {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ}[الأنفال: ٦٧]، أليس قد أخبر الله تبارك وتعالى أنهم يريدون غير ما أراد وأنهم يفعلون غير ما يشاء؟
  فإن قالوا: نعم - تركوا قولهم ورجعوا إلى العدل.
  وإن قالوا: إنهم لا يشاءون إلا ما يشاء الله ولا يريدون إلا ما أراده(٣) - خالفوا الله في قوله؛ لأن الله قد أخبر أنهم يريدون الدنيا، وأنه يريد الآخرة، والدنيا غير الآخرة، فكذلك إرادة الدنيا غير إرادة الآخرة، ومن زعم أنهم
(١) في (ب، ج، هـ): كتاب الله.
(٢) بدل (ø) في (ب، ج، هـ): سبحانه.
(٣) في (ب، هـ): أراده الله.