مجموع كتب ورسائل الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

كتاب الرد على المجبرة القدرية

صفحة 280 - الجزء 1

  يذكره فليس منه؟ أم تقولون: إن ما ذكره ونفاه عن نفسه فهو كله منه؟

  فإن قالوا: بل ما ذكر أنه منه فهو منه، وما لم يذكر أنه منه فليس منه - فقد رجعوا إلى الحق وآمنوا.

  وإن قالوا: بل ما قال إنه منه فهو منه، وما قال أيضاً ليس منه فهو منه - فقد كفروا وكذبوا على الله.

  ومما يسألون عنه أن يقال لهم: خبرونا عن قول الله سبحانه فيما يحكي عن موسى # في قتله الكافر الذي قتله عن غير دعوة منه له إلى الله، ولا معرفة أن موسى رسول الله: {قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ ١٥}⁣[القصص]، ولم يقل: هذا⁣(⁣١) من قضاء الله ولا عمله، أفتقولون: إن ذلك كما قال رسول الله ÷، وإنه من قِبَل الشيطان؟ أم تقولون: إن موسى أتي من قبل الرحمن؟

  فإن قالوا: بل أتي من قِبَل الشيطان كما قال الله، وكما قال موسى #، وهو أعرف بالله وبكل أمر كان من الله، ولو كان من الله لقال : هذا من قضاء الله - فقد صدقوا ورجعوا إلى الحق وتابوا وخرجوا من الباطل وصاروا عادلين، ولنبي الله # مصدقين.

  وإن قالوا: بل لم يؤت موسى في ذلك إلا من الله، والله أدخله في قتله ومعصية ربه بقضائه على موسى بقتل الرجل، ولولا قضاء الله لم يقتله موسى - كانوا في ذلك لموسى # مكذبين، وقد زعموا أنهم أعلم بالله من موسى #، وهذا غاية الطعن على الله ø، وعلى نبيه صلى الله عليه، وفي ذلك الكفر بالله صراحاً.

  ومما يُسألون عنه: قول الله سبحانه لمحمد ÷: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى


(١) كلمة (هذا) ساقطة من (ب، هـ).